صالح بن عبدالله السليمان - كاتب مسلم عربي سعودي
سأقص عليكم قصة قريتي , لأني احترت كيف احل مشكلتها , فقريتي قرية نائية محصورة بين جبال . عاش أهل القرية تحت حكم سلطان ظالم يستعين بعائلته وبزبانيته في السيطرة عليها , ولم يكن هناك طريق للخلاص من القرية إلا طريق واحد . وهذا الطريق يمر بمغارة طويلة , ويصدر عن تلك المغارة أصوات مرعبة , مخيفة وهمهمات تجفل منها القلوب القوية.
كان لحاكم قريتي حكواتي يسلي ليلنا ويؤنس وحدتنا وينقل لنا أوامر الحاكم , قال الحاكم للحكواتي في القرية أن يقص للقرويين قصة الوحوش التي تعيش في المغارة , وان كل من يتجرأ على الدخول إليها سوف تأكله الوحوش ولن تبقي منه حتى العظام , انتشرت الحكاية وزادت , أصبح القرويين بين نارين , نار الظلم ونار الوحوش.
انتشرت المجاعة في القرية , ثار الناس على الحاكم , فهو يأكل طعامهم ويستولي على أراضيهم ويصادر محاصيلهم.
لم يحتمل الناس الظلم والجوع فثاروا على الحاكم ثورة عارمة وتمكنوا من حصاره داخل قصره هو وعائلته وزبانيته.
طال الحصار على القرويين الجائعين . ولم يتمكنوا من دخول القصر لسد حاجتهم من الطعام المخزن بالقناطير في سراديبه وأقبيته وغرفه.
عرفوا أنهم إذا تراجعوا عن ثورتهم فسيخرج لهم الحاكم وزبانيته ويقتل نصفهم ويستعبد النصف الثاني , وسيكون اشد عليهم من ذي قبل.
احتاروا ماذا يفعلون , وجلس بعضهم يحارب الطاغية ويحاول إن يقترب من القصر ليفتح فيه ثغرة , ولكن القصر كان جيد التحصين , فالحاكم صرف في تحصينه أموالا طائلة , بل وسخرهم هم أنفسهم في قطع حجارة الجبل وبنائها.
يعلمون أن الحاكم وزبانيته سيفرغ منهم الطعام إن طال الزمان أم قصر , ولكنهم هم أنفسهم جائعون.
أما البعض الآخر فجلسوا على مصاطب القرية يحاولون حل المشكلة التي وقعوا فيها , كل يدلي بدلوه , فهذا يقول نتباحث مع الحاكم ونحصل على جزء من الطعام وجزء من حريتنا , وآخرون يتنادون بان الوسيلة هي أن يهجموا كلهم هجوما انتحاريا واحدا على الأسوار , وذاك يتكلم عن توسيط بعض أبناء عم الحاكم لحل المشكلة , كثرت الآراء فلم يتفقوا على رأي واحد.
كان معظم أهل القرية يجلسون خارج مجلس القرية ينتظرون ماذا يقرر الجالسون على المصاطب , وبين وقت وآخر يخرج لهم احد المجتمعون ويقول لهم كلاما , وبعد قليل يخرج لهم آخر بكلام يخالف الأول , وبعدها يخرج أخر فيخالف ما قال سابقاه.
هم يحتاجون إلى طعام , ويحتاجون إلى حرية , ويحتاجون إلى استرداد كرامتهم , بل وبعضهم له ثأر عند الحاكم أو احد زبانية ويريد أن يقتص منه.
وفي ذات مساء تسلل مجموعة من الشباب خارج القرية , واتجهوا إلى المغارة , كل منهم يحمل سلاحا , سكينا كان أم رمحا أم عصا , وقرروا أن يدخلوا المغارة , فلا طريق غيرة , فأما أن يموتوا جوعا , او يموتوا على يد الحاكم وأزلامه او يبقوا له عبيدا ابد الدهر , وكلها خيارات صعبة ومرّة.
وما أن دخلوا المغارة , وخطوا خطواتهم الأولى ’ حتى انطلقت نحوهم مجموعة كبيرة من الخفافيش , وجرحت احدهم وهي خارجة من المغارة , ترددوا قليلا , فإذا كان هذا هو المدخل فما بالك بالوحوش الأخرى التي تقبع داخلها.
استمروا بالسير تنحني بهم الطريق وتلتوي , وفي كل منعطف يتصورون أن الوحش سيهجم عليهم , وأنوار مشعلهم تعطي ظلال مخيفة على جدران المغارة , ورائحة الرطوبة تزكم الأنوف.
وفجأة رأوا نورا خافتا , ليس نور مشعلهم , يضرب على جدار المغارة المظلم , وعند المنعطف رأوا نهاية النفق , وصلوا إلى النهاية , لقد كانت واحة غنّاء , ماء وفير , وطعام كثير, وحيوانات ترعى , وطيور تغرد , وما كانت تلك الأصوات المرعبة التي كانوا يسمعونها إلا صوت شلال الماء المتساقط بالقرب من فتحة المغارة وصفير الرياح التي تمر به وأصوات بعض الحيوانات أو الطيور تتردد عبر الوادي.
رجعوا إلى القرية وبشروا قومهم , إن هناك وفرة في الطعام والماء عبر النفق , ويمكنهم أن يحاصروا القصر سنوات وسنوات , وما عليهم سوى الصبر على مشقة حمل الماء والطعام عبر النفق , وأن كان صعبا , ولكنه ليس مستحيلا , ويمكنهم أيضا أن يحصلوا على مساعدة من أهل قرى أخرى خلف الجبل في حرب الحاكم.
انقسمت القرية أقسام عدة:
* قسم يقول انه يجب ألابتعاد عن المغارة فقد يكون الوحش مختبئا ولم يشعر بهم
* وقسم يقول لنترك القرية كلها للحاكم ولنهاجر إلى ما بعد المغارة
* وقسم يقول لنتحمل ونجلب الطعام والماء قليلا , قليلا ’ حتى نهزم الحاكم وسيكون لنا جنتان
* وقسم قال إن الاتصال بأهل القرى الأخرى سوف يفتح عليهم باب مصيبة أخرى فأهل القرى الأخرى سوف يسرقون طعامهم ويستولون على أرضهم ويستعبدونهم فيجب إغلاق طريق المغارة
* وقسم يقول بما ن سلاح الحاكم وزبانيته أقوى يجب أن نتعاون مع القرى الأخرى لإزالته . وإن كان للقرى ألأخرى أطماع فسنتعامل معها في المستقبل
* وقسم يقول أن بقائنا مع الحاكم اضمن لنا ويطالب بالعودة إلى حظيرته وتحت طاعته
* وقسم احتار ماذا يفعل فلا هو إلى هذا ولا هو إلى هؤلاء
السؤال لكم إخواني , ماذا ترون انه يجب على أصحاب قريتي أن يفعلوا ؟
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان - كاتب مسلم عربي سعودي
سأقص عليكم قصة قريتي , لأني احترت كيف احل مشكلتها , فقريتي قرية نائية محصورة بين جبال . عاش أهل القرية تحت حكم سلطان ظالم يستعين بعائلته وبزبانيته في السيطرة عليها , ولم يكن هناك طريق للخلاص من القرية إلا طريق واحد . وهذا الطريق يمر بمغارة طويلة , ويصدر عن تلك المغارة أصوات مرعبة , مخيفة وهمهمات تجفل منها القلوب القوية.
كان لحاكم قريتي حكواتي يسلي ليلنا ويؤنس وحدتنا وينقل لنا أوامر الحاكم , قال الحاكم للحكواتي في القرية أن يقص للقرويين قصة الوحوش التي تعيش في المغارة , وان كل من يتجرأ على الدخول إليها سوف تأكله الوحوش ولن تبقي منه حتى العظام , انتشرت الحكاية وزادت , أصبح القرويين بين نارين , نار الظلم ونار الوحوش.
انتشرت المجاعة في القرية , ثار الناس على الحاكم , فهو يأكل طعامهم ويستولي على أراضيهم ويصادر محاصيلهم.
لم يحتمل الناس الظلم والجوع فثاروا على الحاكم ثورة عارمة وتمكنوا من حصاره داخل قصره هو وعائلته وزبانيته.
طال الحصار على القرويين الجائعين . ولم يتمكنوا من دخول القصر لسد حاجتهم من الطعام المخزن بالقناطير في سراديبه وأقبيته وغرفه.
عرفوا أنهم إذا تراجعوا عن ثورتهم فسيخرج لهم الحاكم وزبانيته ويقتل نصفهم ويستعبد النصف الثاني , وسيكون اشد عليهم من ذي قبل.
احتاروا ماذا يفعلون , وجلس بعضهم يحارب الطاغية ويحاول إن يقترب من القصر ليفتح فيه ثغرة , ولكن القصر كان جيد التحصين , فالحاكم صرف في تحصينه أموالا طائلة , بل وسخرهم هم أنفسهم في قطع حجارة الجبل وبنائها.
يعلمون أن الحاكم وزبانيته سيفرغ منهم الطعام إن طال الزمان أم قصر , ولكنهم هم أنفسهم جائعون.
أما البعض الآخر فجلسوا على مصاطب القرية يحاولون حل المشكلة التي وقعوا فيها , كل يدلي بدلوه , فهذا يقول نتباحث مع الحاكم ونحصل على جزء من الطعام وجزء من حريتنا , وآخرون يتنادون بان الوسيلة هي أن يهجموا كلهم هجوما انتحاريا واحدا على الأسوار , وذاك يتكلم عن توسيط بعض أبناء عم الحاكم لحل المشكلة , كثرت الآراء فلم يتفقوا على رأي واحد.
كان معظم أهل القرية يجلسون خارج مجلس القرية ينتظرون ماذا يقرر الجالسون على المصاطب , وبين وقت وآخر يخرج لهم احد المجتمعون ويقول لهم كلاما , وبعد قليل يخرج لهم آخر بكلام يخالف الأول , وبعدها يخرج أخر فيخالف ما قال سابقاه.
هم يحتاجون إلى طعام , ويحتاجون إلى حرية , ويحتاجون إلى استرداد كرامتهم , بل وبعضهم له ثأر عند الحاكم أو احد زبانية ويريد أن يقتص منه.
وفي ذات مساء تسلل مجموعة من الشباب خارج القرية , واتجهوا إلى المغارة , كل منهم يحمل سلاحا , سكينا كان أم رمحا أم عصا , وقرروا أن يدخلوا المغارة , فلا طريق غيرة , فأما أن يموتوا جوعا , او يموتوا على يد الحاكم وأزلامه او يبقوا له عبيدا ابد الدهر , وكلها خيارات صعبة ومرّة.
وما أن دخلوا المغارة , وخطوا خطواتهم الأولى ’ حتى انطلقت نحوهم مجموعة كبيرة من الخفافيش , وجرحت احدهم وهي خارجة من المغارة , ترددوا قليلا , فإذا كان هذا هو المدخل فما بالك بالوحوش الأخرى التي تقبع داخلها.
استمروا بالسير تنحني بهم الطريق وتلتوي , وفي كل منعطف يتصورون أن الوحش سيهجم عليهم , وأنوار مشعلهم تعطي ظلال مخيفة على جدران المغارة , ورائحة الرطوبة تزكم الأنوف.
وفجأة رأوا نورا خافتا , ليس نور مشعلهم , يضرب على جدار المغارة المظلم , وعند المنعطف رأوا نهاية النفق , وصلوا إلى النهاية , لقد كانت واحة غنّاء , ماء وفير , وطعام كثير, وحيوانات ترعى , وطيور تغرد , وما كانت تلك الأصوات المرعبة التي كانوا يسمعونها إلا صوت شلال الماء المتساقط بالقرب من فتحة المغارة وصفير الرياح التي تمر به وأصوات بعض الحيوانات أو الطيور تتردد عبر الوادي.
رجعوا إلى القرية وبشروا قومهم , إن هناك وفرة في الطعام والماء عبر النفق , ويمكنهم أن يحاصروا القصر سنوات وسنوات , وما عليهم سوى الصبر على مشقة حمل الماء والطعام عبر النفق , وأن كان صعبا , ولكنه ليس مستحيلا , ويمكنهم أيضا أن يحصلوا على مساعدة من أهل قرى أخرى خلف الجبل في حرب الحاكم.
انقسمت القرية أقسام عدة:
* قسم يقول انه يجب ألابتعاد عن المغارة فقد يكون الوحش مختبئا ولم يشعر بهم
* وقسم يقول لنترك القرية كلها للحاكم ولنهاجر إلى ما بعد المغارة
* وقسم يقول لنتحمل ونجلب الطعام والماء قليلا , قليلا ’ حتى نهزم الحاكم وسيكون لنا جنتان
* وقسم قال إن الاتصال بأهل القرى الأخرى سوف يفتح عليهم باب مصيبة أخرى فأهل القرى الأخرى سوف يسرقون طعامهم ويستولون على أرضهم ويستعبدونهم فيجب إغلاق طريق المغارة
* وقسم يقول بما ن سلاح الحاكم وزبانيته أقوى يجب أن نتعاون مع القرى الأخرى لإزالته . وإن كان للقرى ألأخرى أطماع فسنتعامل معها في المستقبل
* وقسم يقول أن بقائنا مع الحاكم اضمن لنا ويطالب بالعودة إلى حظيرته وتحت طاعته
* وقسم احتار ماذا يفعل فلا هو إلى هذا ولا هو إلى هؤلاء
السؤال لكم إخواني , ماذا ترون انه يجب على أصحاب قريتي أن يفعلوا ؟
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان - كاتب مسلم عربي سعودي
الإثنين مارس 10, 2014 2:33 am من طرف dexter ly
» اصحاب - قصيدة مؤثرة جداً على الأصحاب
الإثنين يوليو 22, 2013 4:39 am من طرف ابنك يابرقة
» بوعياد - هافي سفيرهم
الإثنين يوليو 22, 2013 4:38 am من طرف ابنك يابرقة
» نحن مسلاته
الإثنين يوليو 22, 2013 4:37 am من طرف ابنك يابرقة
» ليبيا 17 فبرياير
الإثنين يوليو 22, 2013 4:34 am من طرف ابنك يابرقة
» ما أيفيدكم تهديدي
الإثنين يوليو 22, 2013 4:32 am من طرف ابنك يابرقة
» رد الشاعر على كلمة (من انتم )
الإثنين يوليو 22, 2013 4:32 am من طرف ابنك يابرقة
» ما بي مرض غير فقدت احباب
الإثنين يوليو 22, 2013 4:31 am من طرف ابنك يابرقة
» قصيدة يا طرابلس قوليله
الإثنين يوليو 22, 2013 4:31 am من طرف ابنك يابرقة